د.مهند عثمان التوم
dr.mohaned@alankabootmedia.com
أيها السادة والسيدات يا قادة الفكر والرأي في السودان وفي العالم أجمع، في هذا العالم الذي تتشابك فيه المصالح وتتعارض والذي تحكمه لغة الأرقام والتحالفات، يجد السودان نفسه أمام حقيقة دامغة: أن الحق وحده لا يكفي لضمان مكانته ومستقبله، نعم قد تكون قضية السودان عادلة، وقد تكون تطلعات شعبه نبيلة ولكن في غابة المصالح هذه حيث البقاء للأقوى قد يضيع صوت السودان في زحمة الضجيج.
لطالما تغنى السودانيون بالقيم والأخلاق وجعلوها نبراساً يضيء دروبهم ولكن الواقع أيها السادة، يخبرنا بقصة أخرى قصة تُسطر فيها القوة كلماتها وتفرض إرادتها وتصنع التاريخ فكم من حق ضاع للسودان وكم من فرصة أُهدرت لأن صوته لم يكن مدعوماً بقوة تحميه، وكم من تحدٍ واجهه لأن قوته لم تكن كافية لردعه.
إن العالم أيها السادة لا ينظر إلى تاريخ السودان العريق ولا يكترث بثرواته الطبيعية بل ينظر إلى قوته، قوة اقتصاده وقوة جيشه وقوة نفوذه السياسي، فإذا كان السودان قوياً فإن العالم سيستمع إليه وسيحترمه وقد يضطر حتى إلى أن يتعاون معه، أما إذا كان ضعيفاً فإن العالم سيتجاهله وقد يستغله بل وقد يسعى إلى إضعافه.
ولكن هل يعني هذا أن نتخلى عن قيمنا وأخلاقنا، وأن ننخرط في سباق محموم نحو القوة؟ بالطبع لا فالقوة وحدها دون القيم والأخلاق قوة عمياء قد تقود إلى الدمار والهلاك، أما القيم والأخلاق دون القوة فهي مجرد أمنيات عاجزة لا تستطيع أن تحقق شيئاً.
إذن ما الحل للسودان؟ الحل أيها السادة هو أن نسعى إلى امتلاك القوة ولكن دون أن نتخلى عن مبادئنا وقيمنا، أن نبني اقتصاداً قوياً وجيشاً قادراً ونفوذاً سياسياً مؤثراً ولكن في الوقت نفسه أن نتمسك بالحق والعدالة وأن ندافع عنهما بكل ما أوتينا من قوة.
فإذا كان السودان الأقوى، وإذا كان الحق معه، فإن العالم سيضطر إلى أن يعترف به وأن يحترمه، وأن يتعاون معه، وعندها فقط يمكن للسودان أن يصنع مستقبلاً أفضل يسوده العدل والسلام والرخاء والازدهار.
