في ظل الأوضاع المتدهورة التي يمر بها السودان تتفاقم الأزمة الاقتصادية والمعيشية بشكل كبير خاصة في إقليم دارفور الذي يعاني من النزاعات الممتدة والتدهور المستمر في البنية التحتية والأوضاع الحالية تشير إلى أن أهل دارفور يواجهون واحدة من أصعب فترات حياتهم حيث نقصت المواد الأساسية بشكل كبير وأصبح الحصول على الأدوية والوقود والغذاء حلماً بعيد المنال للكثيرين في ظل ارتفاع الأسعار وتراجع قيمة الجنيه السوداني مما أدى إلى تدهور قدرات الناس على تلبية احتياجاتهم اليومية ومع استمرار هذا الوضع تزداد مخاطر الانهيار الاقتصادي الذي قد يؤدي إلى تفك المجتمع وزيادة معدلات الفقر والجوع ويصبح الوضع أكثر سوءًا حين ينظر الناس إلى المستقبل بنظرة مليئة بالقلق واليأس فالمنطقة التي كانت عبر التاريخ موطنًا للسلام والتنمية أصبحت اليوم مسرحًا لانتشار الفقر والأمراض وارتفاع معدلات النزوح الداخلي إذ يضطر السكان إلى اللجوء إلى السوق السوداء التي تسيطر على معظم السلع مما يعمق من معاناتهم ويزيد من أزمتهم المعيشية وهذه الأوضاع المزرية تثير مخاوف كبيرة من أن يتطور الوضع إلى كارثة إنسانية حقيقية خاصة مع تدهور الوضع الصحي وتوقف المؤسسات الصحية والتعليمية عن أداء دورها الطبيعي وضعف الحكومة في السيطرة على الوضع أما المنظمات الدولية فهي تعمل جاهدة لتقديم المساعدات لكن استمرار الأزمة يفرض على الجميع ضرورة التحرك العاجل وإيجاد حلول جذرية تضمن استقرار المنطقة فالتحديات كثيرة ولكن الأمل في أن يتم تبني سياسات عاجلة لإعادة بناء الاقتصاد وتحسين مستوى المعيشة وتوفير أدنى مقومات الحياة يبقى قائمة وفي هذا السياق تبرز أهمية شديدة لتوقف نقل البضائع من الولايات الآمنة إلى دارفور حيث أن توقف تدفق البضائع يمثل خطراً كبيراً على الأوضاع الإنسانية ويهدد بشكل مباشر حياة السكان ويعقد من الأزمة بشكل كبير أكثر من ذلك فإن توقف إمدادات الآبار والأدوية والطعام والمواد الأولية يمنع المستشفيات والمدارس من أداء وظائفها بشكل طبيعي ويؤدي إلى ارتفاع نسبة الأمراض وانتشار الأوبئة وزيادة حالات الوفاة كما أن نقص المواد الضرورية يعيق جهود إعادة الإعمار والبناء ويؤدي إلى إضعاف البنية التحتية بشكل يصعب معه أي عودة للحياة الطبيعية من جهة أخرى فإن توقف البضائع ينعكس سلباً على الاستقرار الاقتصادي ويزيد من معاناة التجار والعمال المحليين الذين يعتمدون على حركة التجارة لذلك فإن توقف البضائع يهدد أيضاً الأمن والاستقرار في المنطقة خاصة إذا ما استمرت هذه الحالة لفترة طويلة حيث ستتفاقم الأزمة الإنسانية وتتفاقم معها معاناة السكان ويصبح من المستحيل السيطرة على الوضع من قبل الدولة والمنظمات الدولية دون استئناف حركة التبادل التجاري بشكل منتظم وسريع. لذلك فإن الحل يكمن في تهيئة الظروف الأمنية والسياسية لسلاسة حركة البضائع من الولايات الآمنة إلى دارفور خاصة عبر الطرق البرية والجوية، مع دعم جهود الأمن والحكومة للسيطرة على المناطق المتمردة وتوفير الحماية للمنشآت والنقل، بالإضافة إلى ذلك يجب أن تتكاتف الجهود الدولية والمحلية للعمل على إعادة الحياة إلى مساراتها الطبيعية لضمان استمرار تدفق البضائع والمساعدات بهدف إنقاذ أهل دارفور من الوضع الكارثي الذي يهدد وجودهم ويهدد مستقبل المنطقة بشكل كامل.