السودان نزاع مدعوم من وراء ستار وتدخلات إقليمية ودولية تعقد المشهد وتطيل أمد الحرب
وسط تصاعد وتيرة الأحداث في السودان، تتصاعد معه الاتهامات المتبادلة بين الأطراف المتنازعة حول تلقي دعم خارجي غير محدود، يُشَكّل جوهر الصراع ويزيد من تعقيد الأوضاع آلاف القتلى واللاجئين، ومع ذلك يبقى السؤال الأبرز: هل تتحكم قوى إقليمية وعالمية في زمام الأمور، أم أن مصلحة الشعب السوداني تتلاشى أمام مصالحها الجيوسياسية؟
دعم متنوع وتحالفات سرية تُعقد المشهد
وفقاً لتقارير رسمية ومصادر مطلعة، فإن جميع الأطراف في النزاع تعتمد بشكل كبير على دعم خارجي من دول مثل الإمارات، إيران، تركيا، مصر، كولمبيا، اسرائيل، تشاد، يوغندا بالإضافة إلى بعض الدول الغربية، كل طرف يعتقد أن هذا الدعم يمنحه قوة أكبر، ويُتيح له ممارسة تأثير أعمق على مجريات الصراع، وهو ما يُعقد المشهد ويطيل أمد الحرب أكثر من أي وقت مضى.
مراقبون وخبراء في الشؤون الإقليمية يطرحون تساؤلات حاسمة عن نوايا تلك القوى: هل هو فعلاً سعي إلى استقرار السودان ووضع حد للمأساة، أم أن الأمر يخفي وراءه مصالح جيوسياسية وأهدافًا استرتيجية شخصية؟ بعض الدلائل تشير إلى أن هذا الدعم يُوظّف لخلق توازنات سياسية غير عادلة أو لتحقيق أهداف بعيدة عن مصلحة الشعب السوداني، الأمر الذي يعمق الهوة ويطيل أمد الأزمة.
أدوات الضغط والتأثير.. من الدعم العسكري إلى العلاقات السرية
أما أدوات الضغط التي تستخدمها تلك الدول فتكشف عن مدى تعقيد اللعبة السياسية على أرض الواقع. تبدأ بالدعم اللوجستي والعسكري، لكنها تتعدى ذلك إلى أدوات اقتصادية وإعلامية، بجانب علاقات سرية مع فصائل داخل السودان. هذه الأدوات تمنح الدول المعنية القدرة على ممارسة نفوذ ملموس على القرار السياسي وتوجيه مسار الأزمة، وهو ما يثير مخاوف من أن تظل بعض القوى قد تستخدم دعمها لفرض إرادتها بشكل كامل، دون مراعاة مصالح الشعب السوداني.
لكن السؤال الذي لا يزال مطروحاً هو: هل تمتلك تلك القوى القدرة على فرض إرادتها بالكامل، أم أن الأمر يتطلب أكثر من مجرد دعم وتدخلات لضمان سلام دائم ومستدام؟
وفي الوقت الذي يعتقد فيه كلُ طرف أن هذا الدعم يمنحه فرصة لتعزيز موقفه والسيطرة على القرار، يتساءل المراقبون والخبراء في الشؤون الإقليمية والدولية بحزم، عن نوايا هذه القوى، وهل حقا تتطلع إلى إنهاء الحرب وعودة السلام والاستقرار للبلاد، أم أنها تستخدم هذا الدعم كوسيلة لمراكمة النفوذ وتحقيق مصالح جيوسياسية على حساب الشعب السوداني. فبعضهم يرى أن بعض تلك القوى يوظف دعمها لخلق توازنات سياسية غير عادلة، أو لتحقيق أهداف استراتيجية خاصة لا تخدم مصلحة المواطن السوداني، وإنما تُعد وسيلة للضغط وتأكيد الاستحواذ على مناطق نفوذ داخل السودان وخارجه.
وتتواصل الأحداث في الساحة السودانية بوتيرة متصاعدة، وسط تصاعد الاتهامات بين مختلف الأطراف حول تلقيهم دعم خارجي من دول وقوى إقليمية وعالمية، الأمر الذي يثير الكثير من التساؤلات حول حقيقية تلك الأدوار ومدى تأثيرها على مجرى الأحداث، ووقف الحرب المستمرة منذ سنوات طويلة، فالتحليلات تشير إلى أن الدعم الخارجي يتوزع بين عدة جهات، منها مصر، الإمارات، إيران، تركيا، بالإضافة إلى بعض الدول الغربية، وكل طرف من هؤلاء يعتقد أن هذا الدعم يمنحه قوة كبيرة تؤثر بشكل مباشر على مجريات الصراع، بهدف تعزيز نفوذه واستراتيجياته في المنطقة.
وفي سياق ذلك دور الإمارات يثير جدلاً كبيراً إذ تنهم بأنها تلعب دور محوري في دعم قوات الدعم السريع ، وتقديم التمويلات والتسهيلات لها بهدف توسيع نفوذها الإقليمي، وربما محاولة فرض نفوذها على حساب الأطراف الأخرى، بما يخدم مصلحتها في موازنة القوى في المنطقة، كما تتهم أطراف أخرى الإمارات بالسعي لوضع يدها على موارد السودان، واستغلال حالة الفوضى لتمكين مصالحها الاقتصادية، خصوصاً في مجالات الاستثمار والطاقة والبنية التحتية، وهو ما يثير انتقادات واسعة من قبل المعارضة السودانية والمراقبين الإقليميين والدوليين.
أما على الجانب الآخر، يظل المشهد معقد بسبب الدعم المتنوع الذي يضيف طبقة جديدة من التعقيد للأزمة ويعطل جهود السلام المستدامة، فوفق تقارير ومصادر رسمية، يعتمد طرفا النزاع بشكل كبير على دعم خارجي غير محدود، يختلط بين التمويل العسكري، اللوجستي، الاقتصادي، والإعلامي، كما أن هناك علاقات سرية بين بعض تلك القوى وفصائل داخل السودان، وهو ما يمنحها القدرة على ممارسة تأثيرات ملموسة على قرارات السياسيين والحركات المسلحة، وتوجيه مجرى الصراع لصالح مصالحها الخاصة، حتى أنها قد تمارس ضغط مباشر باستخدام أدوات الدبلوماسية والتجسس والانتشار العسكري، بهدف فرض إرادتها على مخرجات العملية السياسية.
وفي ظل كل هذه التطورات يعاد السؤال باللهجة السودانية، هل ستتمكن هذه القوى من فرض إرادتها بشكل كامل، أم أن الأمر يتطلب مزيد من الجهد والتحركات لتحقيق السلام الدائم والمستدام؟ وهل فعلاً تتوفر لديها النية الصادقة لإنهاء معاناة أهل السودان، أم أن مصالحها الخارجية والداخلية تظل حجر عثرة أمام تحقيق أي اتفاق حقيقي يُنهي النزاع المستمر؟
يظل أمل السلام في السودان مشروطًا بقدرة اللاعبين الإقليميين والدوليين على ممارسة ضغوط حقيقية وعملية، وعلى توصلهم لتفاهمات تراعي مصالح الشعب السوداني، بعيدًا عن سياسة الدعم غير المشروط الذي يخدم بعض الأطراف على حساب أخرى. ففرص إنهاء الحرب لا تزال قائمة، إذا توافرت النوايا الحسنة والرغبة الصادقة في وضع حد لمعاناة أهل السودان، والاستجابة للمطالب الشعبية بالمصالحة الوطنية ووقف التدخلات الخارجية التي تعقد الأزمة أكثر فأكثر.
و يبقى أمل السلام في السودان مرهوناً بمدى قدرة اللاعبين الإقليميين والدوليين على ممارسة ضغوط حقيقية واستحداث تفاهمات تراعى مصالح الشعب السوداني أولاً وأخيرًا، فهل ستُفضي النوايا الحسنة إلى وضع نهاية لمعاناة السودانيين، أم ستظل الحسابات السياسية والدولية تتحكم في مصير البلاد، على حساب من يقبعون في ظل الحرب والدمار؟ الوقت يداهم والأحداث تتسارع والأمل في عودة السلام يتوقف على مدى صدق النوايا وإرادة الخير الجماعي فهل تنجح الجهود الدولية والإقليمية في تفعيل غالبية أدوات السلام أم أن المدى لا يزال بعيداً؟
